البداية : أحلام كبيرة … وواقع مرير !!
زملائي الأعزاء، خريجي الجامعات ورواد الأعمال المستقبليين،
أتحدث إليكم اليوم بقلب مفتوح، مشاركًا إياكم تجربة شخصية مررت بها مؤخرًا، وهي رحلة البحث عن وظيفة بعد التخرج. قد يظن البعض أن الحصول على شهادة في إدارة الأعمال يفتح لك أبواب الشركات والمؤسسات فورًا، ولكن الواقع في سوق العمل اليمني قد يكون مختلفًا بعض الشيء.
أتذكر جيدًا تلك الحماسة التي انتابتني بعد تخرجي. كنت أملك شهادة جامعية، طموحًا كبيرًا، والكثير من النظريات الإدارية التي تعلمتها. بدأت رحلة البحث وأنا متفائل، أرسل السيرة الذاتية إلى كل إعلان وظيفة أجده، وأنتظر الرد بفارغ الصبر.
لكن، ومع مرور الأسابيع والشهور، بدأ هذا التفاؤل يتلاشى تدريجيًا. الردود كانت قليلة، والمقابلات التي حصلت عليها كانت في الغالب لا تتناسب مع تطلعاتي أو مؤهلاتي. شعرت بالإحباط واليأس يتسللان إلى قلبي. بدأت أتساءل: هل كانت سنوات الدراسة والجهد بلا جدوى؟ هل سوق العمل هنا مغلق أمام الخريجين الجدد؟
في تلك الفترة الصعبة، لجأت إلى التفكير العميق وتحليل الوضع بمنطق إدارة الأعمال الذي تعلمته. أدركت أنني بحاجة إلى تغيير استراتيجيتي في البحث عن وظيفة. لم يعد الأمر مجرد إرسال سير ذاتية عشوائية. كان عليّ أن أكون أكثر استهدافًا وذكاءً.
إليكم بعض الخطوات التي اتخذتها وغيرت مسار رحلتي:
- تحليل دقيق للسوق: بدأت بدراسة متأنية لسوق العمل اليمني. ما هي القطاعات الأكثر نموًا؟ ما هي المهارات المطلوبة؟ ما هي الشركات التي تتوسع وتوظف؟ استخدمت شبكة علاقاتي (التي بدأت في بنائها منذ أيام الجامعة) للتواصل مع العاملين في مختلف المجالات والحصول على رؤى داخلية.
- تحديث وتخصيص السيرة الذاتية: لم أعد أرسل نفس السيرة الذاتية لكل وظيفة. بدأت في تخصيصها لتناسب متطلبات كل وظيفة على حدة، مع التركيز على المهارات والخبرات (حتى لو كانت بسيطة مثل المشاركة في الأنشطة الطلابية أو الأعمال التطوعية) التي تتوافق مع الوصف الوظيفي.
- بناء شبكة علاقات قوية: أدركت أهمية التواصل المباشر. بدأت في حضور الفعاليات والملتقيات التي تتعلق بمجال إدارة الأعمال، والتواصل مع المهنيين والمديرين في الشركات التي أطمح للعمل بها. لم يكن الأمر دائمًا مثمرًا بشكل مباشر، لكنه ساعدني في توسيع دائرة معارفي وفهم احتياجات السوق بشكل أفضل.
- تطوير مهاراتي: لم أتوقف عن التعلم. استثمرت وقتي في تطوير مهاراتي من خلال الدورات التدريبية عبر الإنترنت وورش العمل القصيرة في المجالات التي لاحظت أنها مطلوبة في السوق، مثل مهارات الحاسوب المتقدمة واللغة الإنجليزية.
- المثابرة وعدم الاستسلام: كانت هذه النقطة الأصعب، ولكنها الأهم. واجهت الكثير من الرفض والتجاهل، ولكنني تعلمت ألا أستسلم. كنت أعتبر كل مقابلة فاشلة درسًا أتعلم منه وأحسن من أدائي في المقابلات القادمة.
بعد شهور من البحث الدؤوب والمثابرة، وجدت أخيرًا وظيفتي الحالية في الرائد للتنمية والاستثمار المحدودة، وهي وظيفة تتناسب مع مؤهلاتي وطموحاتي وتمنحني الفرصة لتطبيق ما تعلمته وتطوير نفسي.
رسالتي إليكم، زملائي الأعزاء، هي أن رحلة البحث عن وظيفة قد تكون صعبة ومليئة بالتحديات، خاصة في الظروف الاقتصادية التي نمر بها. ولكن بالصبر والمثابرة والاستراتيجية الصحيحة، يمكن لكل واحد منا أن يجد ضالته ويحقق أهدافه المهنية.
تذكروا دائمًا أن شهادتكم هي نقطة انطلاق قوية، ولكن النجاح الحقيقي يأتي بالعمل الجاد، وتطوير الذات المستمر، وفهم احتياجات سوق العمل. لا تيأسوا، واستمروا في السعي، وثقوا بأنكم ستجدون الفرصة المناسبة لكم.
أتمنى لكم كل التوفيق في رحلتكم المهنية.


